فصل: الحكم الثاني: هل الخلوة الصحيحة توجب العدة والمهر؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.وجوه الإعراب:

أولا: قوله تعالى: {فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} الآية.
ما نافية حجازية تعمل عمل ليس، و{لكم} جار ومجرور خبرها مقدم. ومن صلة تأدبا. و{عدة} اسم ليس مؤخر مجرور لفظا مرفوع محلا. قال ابن مالك:
وزيد في نفي وشبهه فجر ** نكرة كما لباغ من مفر

والمعنى: ليس لكم عليهن عدة توجبونها عليهن.
ثانيا: قوله تعالى: {وسرحوهن سراحا جميلا}.
{سراحا} مفعول مطلق و{جميلا} صفة له منصوب.

.الأحكام الشرعية:

.الحكم الأول: هل يقع الطلاق قبل النكاح؟

أجمع الفقهاء على أن الطلاق لا يقع قبل النكاح استدلالا بقوله تعالى: {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن} فقد رتب الطلاق على النكاح وعطفه بثم التي تفيد الترتيب مع التراخي، واستدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طلاق قبل النكاح» واختلفوا فيمن علق الطلاق مثل قوله: إن تزوجت فلانة فهي طالق، أو قوله: كل امرأة أتزوجها فهي طالق على مذهبين:
أ- مذهب الشافعي وأحمد: أنه لا يقع الطلاق وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ب- مذهب أبي حنيفة ومالك: أنه يقع الطلاق بعد عقد الزواج وهو مروي عن ابن مسعود رضي الله عنه.
أدلة الشافعية والحنابلة:
أ- استدل الإمامان الشافعي وأحمد رحمهما الله على أن التعليق مثل التنجيز، طلاق قبل النكاح، وإذا طلق الإنسان امرأة، لا يملكها أنت طالق فإنه لا يقع باتفاق فكذا المعلق من الطلاق لا يقع به طلاق.
ب- واستدلوا بحديث: «لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك».
وهذا الرأي ذهب إليه الجمهور من الصحابة والتابعين وقد عد البخاري منهم أربعة وعشرين في باب لا طلاق قبل النكاح وهو منقول عن ابن عباس رحمه الله، فقد روي أنه سئل عن ذلك أي عن الطلاق المعلق فقال: هو ليس بشيء. فقيل له إن ابن مسعود يخالفك يقول: إذا طلق ما لم ينكح فهو جائز. فقال: رحم الله أبا عبد الرحمن، لو كان كما قال لقال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن ولكن إنما قال: {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن}.
أدلة المالكية والحنفية:
واستدل الحنفية والمالكية بأن الطلاق يعتمد الملك، أو الإضافة إلى الملك، لكنه في حالة الإضافة إلى الملك يبقى معلقا حتى يحصل شرطه، فإذا قال للأجنبية إن تزوجتك فأنت طالق كان هذا تعليقا صحيحا، ولا يقع الطلاق به الآن إنما يقع بعد أن يتزوجها، فهو مثل قوله: إن دخلت الدار فأنت طالق لا يقع الطلاق إلا بعد الدخول، فكذا هنا لا يقع الطلاق إلا بعد أن يعقد عقد الزواج عليها، فيكون الطلاق واقعا في الملك بالضرورة فكأنه أوقعه عليها حينذاك، وقالوا: الفرق واضح بين تنجيز الطلاق على الأجنبية وبين تعليق طلاقها على النكاح فإن قول الرجل لامرأة أجنبية هي طالق كلام لغو، لأنها ليست زوجته وقد طلق ما لم يملك فهو طلاق قبل النكاح لا يقع أصلا. أما قوله: إن تزوجت فلانة فهي طالق فهو معلق على الملك والفرق واضح بينهما. وهذا القول قال به جمع غفير من العلماء منهم ابن مسعود رضي الله عنه ودليله قوي وهو الأحوط كما نبه عليه ابن العربي والجصاص.
والخلاصة فإن الطلاق بعد النكاح يقع باتفاق الفقهاء، والطلاق المنجز قبل النكاح لا يقع باتفاق، والطلاق المعلق على النكاح يقع عند الحنفية والمالكية ولا يقع عند الشافعية والحنابلة، ولكل وجهة هو موليها والله تعالى أعلم.

.الحكم الثاني: هل الخلوة الصحيحة توجب العدة والمهر؟

ظاهر الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: {من قبل أن تمسوهن} الذي هو كناية عن الجماع أن الخلوة ولو كانت صحيحة لا توجب ما يوجبه الجماع من العدة والمهر، وهذا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، ودليله: أن الله سبحانه وتعالى نفى وجوب العدة إذا طلقت قبل الجماع، والخلوة ليست جماعا فلا يجب بها العدة ولا المهر.
وذهب الجمهور المالكية والحنفية والحنابلة إلى أن الخلوة كالجماع توجب المهر كاملا، وتوجب العدة.
1- واستدلوا بما رواه الدارقطني عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كشف خمار امرأة ونظر إليها وجب الصداق دخل بها أو لم يدخل».
ب- وروي عن عمر أنه قال: إذا أغلق بابا وأرخى سترا ورأى عورة فقد وجب الصداق وعليها العدة ولها الميراث.
ج- وروي عن زراة بن أبي أوفى أنه قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه إذا أرخى الستور، وأغلق الباب، فلها الصداق كاملا وعليها العدة دخل بها أو لم يدخل.
الترجيح: وأنت ترى أن أدلة الجمهور أقوى، وحجتهم أظهر، إذ يحتمل أن يبقى الرجل مع زوجته عاما كاملا، يبيت معها في فراش واحد، ولكنه لم يجامعها طيلة هذه المدة فلابد أن نوجب عليه دفع المهر كاملا، ونلزمها بالعدة وذلك اعتبارا بالخلوة الصحيحة ودفعا للنزاع والخلاف.
وقد اختلف القائلون بوجوب العدة بالخلوة الصحيحة فمنهم من يقول: إنها واجبة ديانة، وقضاء ومنهم من يقول بوجوبها قضاء لا ديانة لأن القاضي إنما يحكم بالظاهر والرأي الأول أصح.

.الحكم الثالث: ما هو حكم المطلقة رجعيا هل تستأنف العدة إذا راجعها زوجها ثم طلقها قبل المساس؟

اختلف الفقهاء في المرأة المطلقة رجعيا فيما إذا طلقها زوجها بعد المراجعة قبل أن يمسها على أقوال:
أ- مذهب الظاهرية: أنه لا عدة عليها جديدة والعدة الأولى قد بطلت بالطلاق الثاني، فلا يجب عليه أن تكمل العدة الأولى. وهذا رأي ضعيف.
ب- مذهب الشافعي: تبني على عدة الطلاق الأول وليس عليها أن تستأنف عدة جديدة.
ح- مذهب مالك وأبي حنيفة: عليها أن تستأنف عدة جديدة، قال القرطبي: وعلى هذا أكثر أهل العلم.
دليل الظاهرية: استدل داود الظاهري ومن قال بقوله أن المطلقة الرجعية إذا راجعها زوجها قبل أن تنقضي عدتها ثم فارقها قبل أن يمسها، أنه ليس عليه أن تتم عدتها ولا عدة مستقبلة، لأنها مطلقة قبل الدخول بها أخذا بظاهر الآية.
دليل الشافعي: استدل داود الظاهري ومن قال بقوله أن المطلقة الرجعية إذا راجعها زوجها قبل أن تنقضي عدتها ثم فارقها قبل أن يمسها، أنه ليس عليها أن تتم عدتها ولا عدة مستقبلة، لأنها مطلقة قبل الدخول بها أخذا بظاهر الآية.
دليل الشافعي: استدل الشافعي رحمه الله بأن المطلقة تبني على عدتها الأولى وليس عليها أن تستأنف عدة جديدة، بأن الطلاق الثاني لا عدة له لأنه طلاق قبل المساس، ولكن لا ينبغي أن يبطل ما وجب بالطلاق الأول فإنه طلاق بعد دخول يجب أن تراعى فيه حكمة الشارع في إيجاب العدة. فطلاقه لها قبل أن يمسها في حكم من طلقها في عدتها قبل أن يراجعها، ومن طلق امرأته في كل ظهر مرة بنت ولم تستأنف.
دليل المالكية والحنفية: قالوا إن عليها أن تستأنف عدة جديدة، لأن الطلاق الثاني وإن كان لم يفصل بينه وبين الرجعة مس ولا خلوة، لكنه لا يصدق عليه أنه قد حصل قبل الدخول على الإطلاق، إذا المفروض أن المرأة كان مدخولا بها من قبل، فيجب عليها أن تستأنف عدة كاملة لأنها في حكم الموطوءة.
قال القرطبي: نقلا عن الإمام مالك: إنها تنشيء عدة مستقبلة، وقد ظلم زوجها نفسه وأخطأ إن كان ارتجعها ولا حاجة له بها، وعلى هذا أكثر أهل العلم لأنها في حكم الزوجات المدخول بهن في النفقة والسكنى وغير ذلك، وهو قول جمهور فقهاء البصرة والكوفة ومكة والمدينة والشام.

.الحكم الرابع: هل تجب المتعة لكل مطلقة؟

ظاهر قوله تعالى: {فمتعوهن} إيجاب المتعة للمطلقة قبل الدخول سواء فرض لها مهر أو لم يفرض لها مهر، ويقوي هذا الظاهر قوله تعالى: {وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين} [البقرة: 241] فقد أوجبت لكل مطلقة المتعة وقد اختلف الفقهاء في وجوب المتعة على أقوال:
أ- إنها واجبة لكل مطلقة فرض لها مهر أم لم يفرض لها مهر عملا بظاهر الآية وهو مذهب الحسن البصري.
ب- إن المتعة واجبة للمطلقة قبل الدخول التي لم يفرض لها مهر وهو مذهب الحنفية والشافعية. وبهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما. وأما التي فرض لها مهر فتكون المتعة لها مستحبة.
ج- إن المتعة مستحبة للجميع وليست واجبة لأحد من النساء وهو مذهب المالكية.
وسبب الخلاف بين الفقهاء في وجوب لمتعة أو استحبابها هو أنه قد ورد في القرآن الكريم آيات كريمة ظاهرها التعارض، فمنها ما يوجب المتعة على الإطلاق، ومنها ما يوجب المتعة عند عدم ذكر المهر المفروض لها، ومنها ما لم ينص على المتعة أصلا فلهذا وقع الخلاف بين الفقهاء. أما الآيات الكريمة فهي آية الأحزاب {فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} وآية البقرة (236) {ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين} وآية البقرة (237) كذلك {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} الآية.
فالآية الأولى مطلقة. والثانية مقيدة بقيدين عدم المس، وعدم الفرض وأول الآية هو قوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن} [البقرة: 236] الآية.
والثالثة أوجبت نصف المهر فقط ولم تذكر المتعة، فمن الفقهاء من جعل آية البقرة مخصصة لآية الأحزاب ويكون المعنى فمتعوهن إن لم يكن مفروضا لهن المهر في النكاح وبهذا التفسير قال ابن عباس ويؤيده أن المتعة إنما وجبت دفعا لإيحاش الزوج لها بالطلاق، فإذا وجب للمطلقة قبل الدخول نصف المهر كان ذلك جابرا للوحشة فلا تجب لها المتعة.
الترجيح: ويظهر من الأدلة أن حجة الفريق الثاني وهم الحنفية والشافعية أقوى وأظهر وهو مذهب ابن عباس وفيه جمع بين الأدلة والله أعلم.

.ما ترشد إليه الآيات الكريمة:

أولا- على الإنسان أن يختار في الزواج المرأة المؤمنة الطاهرة.
ثانيا- الطلاق هدم للحياة الزوجية فلا يصح أن يقع إلا في الحالات الضرورية.
ثالثا- لا تجب العدة بالإجماع إذا طلقت المرأة قبل الدخول بها.
رابعا: على الزوج أن يجبر خاطر زوجته المطلقة بالمتعة.
خامسا- حرمة إيذاء المطلقة وتسريحها بالمعروف والإحسان.

.خاتمة البحث:

حكمة التشريع:
شرع الله تعالى الزواج لبقاء النوع الإنساني، وعزز من روابطه وأركانه وأحاط الأسرة بسياج مقدس من التكريم والتقدير. وأقام الحياة بين الزوجين على أساس التفاهم والتعاون والمحبة والمودة {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم: 21].
وقد أباح الإسلام الطلاق في ظروف استثنائية ضرورية، وذلك ليخلص الإنسان من شقاء محتم، وينقذه من مشكلة قد تحرمه السعادة، أو تكلفه حياته.
والطلاق: في الإسلام أبغض الحلال إلى الله، لأن فيه خراب البيوت، وضياع الأسرة. وتشريد الأولاد. ولكنه ضرورة لابد منها عند اللزوم، فلابد أن تكون الأسباب فيه جلية. والدوافع قاهرة، وألا يكونه ثمة طريق إلى الخلاص من ذلك الشقاء إلا بالطلاق، وقد قيل في الأمثال: آخر الدواء الكي.
وقد أرشد الإسلام إلى الاستعمال الحكيم لهذا العلاج، بألا يقدم عليه الإنسان إلا بعد درس وتمحيص. وروية وبصيرة. فإن الطلاق ما شرع إلا ليحقق الطمأنينة والسعادة للإنسان. ويدفع عنه مرارة العيش، وقساوة الحياة. وإذا لم يستعمله المرء في الطريق المأمون انقلب إلى إعصار مخرب مدمر، فحرم الأسرة الأمن والاستقرار. فهو إذا سلاح ذو حدين: فإما أن يستعمله الإنسان فيما يجلب إليه الشقاء. أو يستعمله فيما يخلصه من الشقاء.
وقد حكم الباري جل وعلا بأن من طلق زوجه قبل المسيس. فليس له عليها حق أن يمنعها من الزواج. لأنها لا عدة عليها. والعدة إنما تجب لمعرفة براءة الرحم. صيانة لحق الزوج. لئلا يختلط نسبه بنسب غيره، أو يسقى زرعه بماء غيره ولما كان هذا الطلاق قبل المعاشرة والاتصال الزوجي، إذا فلا عدة ولا سبيل له عليها. فيجب أن يحسن معاملتها. بمنعها من الزوج {فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا}.
وبذلك صان المولى جل وعلا كرامة المرأة، ودفع عنها عدوان الزوج وطغيانه، وحفظ لكل حقه، فلم يظلم المرأة، ولم يفرط في حق الرجل، وفسح المجال لكل من الزوجين في الحياة السعيدة الكريمة.
فما أسمى تعاليم الإسلام؟ وما أعدل نظمه وأحكامه! اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)}.
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا} وقد كان أمر عليًا ومعاذ أن يسيرا إلى اليمن، فقال: «انطلقا فَبَشِّرا ولا تُنَفِّرا، ويَسِّرا ولا تُعَسِّرا، فإنه قد أنزل عليَّ {يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا} قال: شاهدًا على أمتك، ومبشرًا بالجنة، ونذيرًا من النار، وداعيًا إلى شهادة لا إله إلا الله {بإذنه وسراجًا منيرًا} بالقرآن».
وأخرج أحمد والبخاري وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال: لقيت عبدالله بن عمرو بن العاص فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال: أجل والله انه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا} وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ليس بفظ، ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا تجزىء بالسيئة السيئة، ولكن تعفو وتصفح.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إني عبدالله، وخاتم النبيين، وأبي منجدل في طينته، وأخبركم عن ذلك أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين، وإن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورًا أضاءت لها قصور الشام. ثم تلا {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا} إلى قوله: {منيرًا}».
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا: «لما نزلت {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [الفتح: 2] قالوا: يا رسول الله قد علمنا ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله: {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلًا كبيرًا} قال: الفضل الكبير: الجنة».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: اجتمع عتبة. وشيبة. وأبو جهل. وغيرهم فقالوا: أسقط السماء علينا كسفا، أو ائتنا بعذاب أو امطر علينا حجارة من السماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ذاك إلي. إنما بعثت إليكم داعيًا ومبشرًا ونذيرًا».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا} قال: على أمتك بالبلاغ {ومبشرًا} بالجنة {ونذيرًا} من النار {وداعيًا إلى الله} إلى شهادة أن لا إله إلا الله {بإذنه} قال: بأمره {وسراجًا منيرًا} قال: كتاب الله يدعوهم إليه {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلًا كبيرًا} وهي الجنة {ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم} قال: اصبر على أذاهم.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ودع أذاهم} قال: اعرض عنهم. اهـ.